ماهي مجالات الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence

الإنسان الآلي - الروبوت

الروبوت يُعد من إحدى المجالات التي دخل فيها الذكاء الاصطناعيّ، حيث إنّ الروبوت هو جهاز ميكانيكيّ مصمّم لأداء الأعمال التي يقوم بها الإنسان بشكل عام، وقد أدّى اختراع الروبوتات الحديثة إلى ظهور الأجهزة والآلات التي لا حصر لها، والتي تحلّ محل عمل الأفراد. من الجدير بالذكر أنّ معظم الروبوتات مبنيّة على برمجيّات للعمل بشكل مستقل عن السيطرة البشريّة المباشرة، ويُستخدم المصطلح أيضاً للمركَبات وغيرها من الآلات التي يتمّ التحكّم بها عن بعد من قبل المشغّل البشري.

مجالات الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence

تحسين وتطوير برامج الحاسوب

الذكاء الاصطناعيّ أدّى إلى تطوير البرامج الحاسوبيّة، ومن الأمثلة على ذلك برامج لعبة الشطرنج على أجهزة الكمبيوتر، ففي عام 1948 طوّر عالم الرياضيات البريطانيّ آلان تورينج خوارزميّة لعبة الشطرنج، حيث تمّ استخدام البرمجيّات الحسابية، وبعد عشر سنوات قام عالم الرياضيات الأمريكيّ كلود شانون برسم خوارزميّة للعب الشطرنج من قبل شخصين على جهاز الحاسوب، فهذه البرمجيات تقوم بحساب جميع التحركات الممكنة لكل لاعب، والعواقب إلى أقصى حد ممكن للتحركات.

مجالات أخرى في الذكاء الاصطناعي

دخل الذكاء الاصطناعيّ في تطبيقات ومجالات لا حدود لها، ومن هذه المجالات:

  • تطوير التطبيقات الحاسوبيّة في التشخيص الطبيّ في العيادات والمستشفيات. 
  • تطوير آلية البحث على جهاز الحاسوب عبر الإنترنت. 
  • تطوير أنظمة تداول الأسهم. 
  • تطوير المحاكاة المعرفيّة، وذلك باستخدام أجهزة الكمبيوتر لاختبار النظريات حول كيفية عمل العقل البشريّ والوظائف التي يقوم بها كالتعرّف على الوجوه المألوفة وتفعيل الذاكرة.

تاريخ تطور الذكاء الاصطناعي

ظهر مفهوم الذكاء الاصطناعي في نفس الوقت الذي كان يتم فيه العمل على إرساء الأسس النظرية الخاصة بالحواسيب، حيث تعود أولى إشارات الذكاء الاصطناعي لنظرية الحوسبة الخاصة بعالم الرياضيات البريطاني آلان تورينغ الذي ساهم بوضع أسس النظرية الحديثة للحوسبة وكيفية تطوير آلات ذكية قادرة على معالجة المعطيات بشكلٍ ذكيّ، وبالرّغم من ذلك فإن البدء الرسمي لمجال الذكاء الاصطناعي كقسم مرتبط بعلوم الحاسوب يعود لورشة عمل عُقدت في كلية دارتموث سنة 1956، حيث تم استخدام هذا المصطلح لأول مرة عبر العالم جون مكارثي John McCarthy من جامعة إم آي تي، الذي ينظر إليه بالإضافة لعدة علماء آخرين مثل آلن نيويل Allen Newell وهربرت سيمون Herbert Simon وكلود شانون Claude Shannon على أنهم الجيل الأول والآباء المؤسسون لمجال الذكاء الاصطناعيّ كما نعرفه اليوم. ركزت الأبحاث الأولية على كيفية منح الآلات صفة الذكاء والقدرة على التحليل والتفكير المنطقيّ بشكلٍ مشابهٍ للبشر، وهو ما قاد رواد الذكاء الاصطناعيّ في تلك الفترة لصياغة سبعة جوانب أساسية يمكن عبرها فهم الذكاء الاصطناعيّ وأهدافه:
  1. القدرة على محاكاة الوظائف العقلية المتقدمة للدماغ البشريّ 
  2. القدرة على برمجة الحواسيب لتستطيع استخدام اللغات 
  3. ترتيب وتنظيم عصبونات افتراضية (اصطناعية) بطريقةٍ تمكنها من تشكيل الوعي والأفكار
  4. القدرة على تحديد وقياس مدى تعقيد المشاكل 
  5. القدرة على التحسين الذاتي
  6. التجرّد: أي مدى الكفاءة التي تتمتع بها الحواسيب وبرمجيات الذكاء الاصطناعيّ بالتعامل مع الأفكار والمفاهيم بدلاً من اقتصارها على الاستجابة للأحداث 
  7. العشوائية والابتكار 
حصل مجال الذكاء الاصطناعيّ على اهتمامٍ ودعمٍ كبيرين خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ولكن وبسبب الصعوبات التي ترافقت مع تطبيق مفاهيم الذكاء الاصطناعيّ ضمن الآلات بتلك الفترة وبسبب رغبة الحكومات والجهات الداعمة الحصول على نتائج فعلية، تم إيقاف الدعم بشكلٍ كبير خلال سبعينيات القرن الماضي، وهي الفترة المعروفة باسم: شتاء الذكاء الاصطناعيّ كإشارة لانخفاض البحث والتطوير في هذا القطاع أثناء هذه الفترة الزمنية.
عاد الذكاء الاصطناعيّ للواجهة مرة أخرى مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بفضل ظهور وتطور العديد من التقنيات الحديثة مثل مفهوم الأنظمة الخبيرة Expert Systems، وظهور تقنياتٍ جديدة في مجال صناعة أشباه الموصلات (أنصاف النواقل) مثل التكامل عالي المستوى VLSI وأشباه الموصلات ذات الأكسيد المعدنيّ MOS. بدءاً من تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم تزايد البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعيّ وبدأت البرمجيات المعتمدة تثبت فعاليةً وقدراتٍ كبيرة، حتى تمكنت شركة آي بي إم IBM من تصنيع حاسوب ديب بلو Deep Blue سنة 1997 الذي تمكّن من هزيمة بطل العالم في الشطرنج الروسي جاري كاسباروف في مبارةٍ اعتبرت نقطةً فاصلة في تطور الذكاء الاصطناعيّ، واستمر التطور حتى تمكنت جوجل من تقديم برنامجها الرائد ألفا جو Alpha Go الذي تمكن سنة 2016 من هزيمة الكوري الجنوبي لي سيدول، بطل العالم في لعبة جو التي تعتبر أصعب وأعقد من الشطرنج، والتي تتطلب قدرات تحليل ومعالجة معقدة تتجاوز إمكانية حساب الاحتمالات الممكنة للعبة. يُنظر لهذا الحدث من قِبل العديد من الخبراء على أنه خطوة هامة في مجال تطور الذكاء الاصطناعيّ؛ إذ يعتبر ألفا جو أول تطبيق ذكاء اصطناعيّ عام التوجه، بمعنى أنه قادر على تعلم حل المشاكل مهما كانت طبيعتها، بخلاف حاسوب ديب بلو الذي كان متخصصاً في لعبة الشطرنج ولم يكن بالإمكان استخدامه في أي مجالٍ آخر. 

تحديِّات الذكاء الاصطناعي

لا يمكن النظر اليوم للذكاء الاصطناعيّ على أنه جانبٌ علميّ مُكتمل، فهنالك العديد من الأمور التي لا تزال جدلية ومبهمة بين الباحثين، وذلك بدءاً من سؤالٍ بسيط: ما هو الذكاء؟ عند محاولة الإجابة على هذا السؤال من منظورٍ بشريّ، فإن الذكاء نفسه مفهومٌ ذو إشكالياتٍ كبيرة: هل الذكاء هو القدرة على حل مسائل الرياضيات الصعبة؟ هل هو القدرة على تأليف مقطوعاتٍ موسيقية مبتكرة؟ هل هو القدرة على رسم لوحةٍ فنية تعبيرية؟ هل هو القدرة على التواصل الاجتماعيّ الفعال؟ هل هو كل ما سبق؟ المقصد هنا أن تعريف الذكاء نفسه ليس بالأمر السهل بالنسبة للبشر أنفسهم، وبالتالي فإن إطلاق صفة “الذكاء” على الآلة سيكون أيضاً محط جدلٍ بين الباحثين. 
حاول بعض العلماء دراسة هذه المشكلة استناداً للمنطق البشريّ نفسه، أي وضع تعريفٍ أو مفهوم موحد ومتفق عليه للذكاء ومحاولة إسقاطه على الآلة من أجل توصيف الخطوط العريضة والأساسية للذكاء الاصطناعيّ. يعتبر الفيلسوف جاك كوبلاند Jack Copeland من الباحثين البارزين بهذا المجال، والذي حدد العوامل الأساسية للذكاء كما يلي: 
  1. التعلم العام Generalization Learning أو الذكاء العام General Intelligence : قدرة المتعلم على التأدية بشكلٍ جيد عند وضعه أمام مشاكل لم يتعرض لها من قبل. بحالة الذكاء الاصطناعيّ، فإن هذا يعني القدرة على بناء خوارزمية قابلة للاستخدام في العديد من المجالات والتطبيقات، وليس فقط في مجال واحد ولهدفٍ محدد. لو عدنا لمثال المساعدات الرقمية الذكية (مثل مساعد جوجل أو سيري أو أليكسا) فإنها تمثل نماذج على برمجيات ذكاء اصطناعيّ ذات هدفٍ محدد ولا يمكن استخدامها -كمثال- من أجل تشخيص الأورام في الصور الإشعاعية الملتقطة باستخدام أجهزة التصوير الطبقي المحوري. الذكاء العام يعني قدرة الخوارزمية على التعلم وإيجاد حلولٍ لمشاكل غير محصورة بمجال محدد، ويعتبر برنامج ألفا جو من جوجل أحد برامج الذكاء الاصطناعيّ ذات الذكاء العام.
  2. المنطق Reasoning: أي قدرة المتعلم على التوصل لاستنتاجاتٍ تتناسب مع الموقف أو المشكلة قيد الحل.
  3. حل المشاكل Problem Solving والتخطيط للحلول Planning: القدرة على استخدام المعطيات المتوفرة من أجل تطوير حلٍ لمشكلةٍ ما وكيفية تنفيذ هذا الحل.
  4. لإدراك Perception: القدرة على تحليل البيئة المحيطة وفهمها وكذلك فهم العلاقة بين الأشياء المختلفة المتواجدة ضمنها.
  5. فهم اللغات Understanding Languages، أو المعالجة الطبيعية للغة Natural Language Processing.
تمثل المفاهيم السابقة التحدياتِ الأساسية في مجال الذكاء الاصطناعيّ، فهي تمثل القدرات الذكية التي نمتلكها نحن كبشر ويعمل باحثو الذكاء الاصطناعيّ بشكلٍ متواصل على توفيرها ضمن الآلات والحواسيب، وبالنظر لتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ المتوافرة اليوم، يمكن القول بأننا شاهدنا تنفيذاً لكافة المفاهيم السابقة في العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ. نستطيع أن نأخذ المساعدات الرقمية الذكية المتوفرة في هواتفنا الذكية كمثالٍ بسيطٍ على ذلك، فمساعد جوجل Google Assistant الذكيّ قادر على فهم حديثنا وفي كل مرة نرغب في الاستعلام عن أمرٍ ما فإن هذا يمثل مشكلةً تتطلب حلاً، كما أنه مع استمرار استخدامنا لمساعد جوجل الذكيّ سيتعلم من سلوكنا كيفية تقديم أفضل الاقتراحات التي تناسبنا. يُدرك مساعد جوجل البيئة المحيطة عبر قدرته على استخدام المعلومات المتوفرة في حساسات الهاتف الذكيّ وكذلك من معلومات الطقس المتعلقة بالمكان المتواجدين فيه.

بالإضافة للتحديات السابقة، هنالك تحديات أخرى تمتلك أهميةً كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعيّ، مثل الروبوتات الذكية التي تعبر عن جانبٍ هام في الذكاء الاصطناعيّ لا يتضمن فقط برنامجاً أو تطبيقاً على الهواتف الذكية، بل يمتد ليشمل أذرع حركية وحساساتٍ متنوعة وخوارزميات متقدمة تهدف لإعطاء الروبوتات قدراتٍ متقدمة في فهم وتحليل البيئة المحيطة والتخطيط للكيفية التي ستتحرك بها، والأهم أن تكون قادرة على الاستجابة لأمورٍ غير متوقعة. 

بالإضافة للروبوتات، يعتبر مجال الذكاء الاجتماعيّ Social Intelligence أحد التحديات الهامة في مجال الذكاء الاصطناعي، والذي يهدف لتطوير آلاتٍ (أو برامج) قادرة على فهم وإدراك العواطف التي نبديها كبشر والتفاعل معنا بشكلٍ مماثل، ويعتبر الروبوت صوفيا مثالاً شهيراً على أنظمة الذكاء الاصطناعيّ المتقدمة التي تمتلك قدرات ذكاءٍ اجتماعيّ يتيح لها الحديث مع البشر وإبداء ردات فعلٍ مختلفة، كما أن جوجل نفسها قد وفرت قدراتٍ متقدمة في مساعدها الرقميّ الذكي ليكون قادراً على فهم سياق الحديث والاستمرار بالمحادثة بشكلٍ طويل. 

أخيراً، يعتبر التحدي الأبرز في مجال الذكاء الاصطناعيّ هو الذكاء العام General Intelligence، وهو يعني القدرة على بناء خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكن استخدامها في العديد من المجالات والتطبيقات، وليس فقط في مجال واحد ولهدفٍ محدد. لو عدنا لمثال المساعدات الرقمية الذكية (مثل مساعد جوجل أو سيري أو أليكسا) فإنها تمثل نماذج على برمجيات ذكاء اصطناعيّ ذات هدفٍ محدد ولا يمكن استخدامها -كمثال- من أجل تشخيص الأورام في الصور الإشعاعية الملتقطة باستخدام أجهزة التصوير الطبقي المحوري. الذكاء العام يعني قدرة الخوارزمية على التعلم وإيجاد حلولٍ لمشاكل غير محصورة بمجال محدد، ويعتبر برنامج ألفا جو من جوجل أحد برامج الذكاء الاصطناعيّ ذات الذكاء العام. 

بناءً على العرض السابق، يمكن تقسيم أنواع تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ لثلاثة تصنيفات: 
  1. الذكاء الاصطناعيّ الضيق Artificial Narrow Intelligence: الذي يعرف أيضاً باسم الذكاء الاصطناعيّ الضعيف. هذا النوع من التطبيقات مخصص للاستخدام في مجالٍ واحد ولتأدية مهمةٍ محددة، وذلك مثل برمجيات التعرف على الوجه في هواتف أيفون، أو نظام القيادة الآلي في سيارات تسلا، أو المساعدات الرقمية الذكية.
  2. الذكاء الاصطناعيّ العام Artificial General Intelligence: الذي يعرف أيضاً باسم الذكاء الاصطناعيّ القوي. هذا النوع من التطبيقات غير مرتبط بمجالٍ محدد والهدف منه هو القدرة على تأدية مهام مختلفة ضمن مجالاتٍ متنوعة، وهو يمثل التحدي الأكبر اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي.
  3. الذكاء الاصطناعيّ الفائق Artificial Super Intelligence: أي التطبيقات التي تتجاوز قدرة البشر على التفكير، والتي تمتلك إدراكاً لنفسها وماهيتها بما يجعل من الصعب معرفة القرارات التي يمكن أن تتخذها. لا يزال هذا النوع من الذكاء الاصطناعيّ نظرياً وسبق وأن حذر منه العديد من الأشخاص البارزين مثل عالم الفيزياء البريطاني الراحل ستيفن هوكنج ورائد الأعمال جنوب الإفريقي إلون ماسك، مؤسس شركات تسلا وسبيس إكس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق